بسم الله الرحمن الرحيم
مدونة رقم ٣٢
التركيز على اللغة
اجمع المسلمون على ان نجاح المستعمر كان مدمرا للامة عندما استطاع استبدال الحرف اللاتيني او السلافي بالحرف العربي في بعض الدول الاسلامية واهمها تركيا. يقوم ابناء العربية اليوم باعتماد هذه الحروف الاجنبية رضائيا وتلقائيا لكتابة رسائلهم وملاحظاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي. من المحزن ان تكون الرسائل مكتوبة بحرف اجنبي وبلغة اجنبية، ومما يحزن اكثر ان تكون مكتوبة بحرف اجنبي وبلهجة عامية، يجعلها لغة مسخا “غريبة الوجه واليد واللسان.” كثيرا ما يستند الشباب من اهل العربية الى ان الشباب الاجنبي يتصرف بنفس الطريقة، وينسى هؤلاء الشباب ان الاجانب فيما يكتبون بحرف لغتهم، فان هناك بالمقابل التزاما مؤسسيا باتقان اللغة السليمة لمن اراد ان يتقدم ويتفوق. ولن تقبل الجامعات او الشركات غير المتمكن من لغته. فمثلا عندما اردت الالتحاق بجامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر، طلبت الجامعة مني، وكما تطلب من جميع من يود الالتحاق بها، شهادة كفاءة باللغة الانجليزية، خيرت بين تقديم شهادة نجاح بامتحان التوفيل لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات، او شهادة نجاح بمقرر الثانوية العليا وبمعدل لا يقل عن سبعين بالماية، وهو الصف الدراسي الاعلى قبل الالتحاق بالجامعة. واخترت المنهاج المدرسي وحضور فصل كامل مع من هم في عمر اولادي، لقناعتي بتكامل الخطة الدراسية ضمن ما شرحته في مدونات التعليم العالي سابقا، وكان ما ، توقعته صحيحا ثقة في التفكير الممنهج في الغرب. لقد وفقت في معايشة هذه المنظومة واستيعاب الكثير منها. كان الفصل الدراسي غنيا وهادفا ويرتكز على اتقان ثلاثة مواضيع متوالية، وهي المقال والقصة القصيرة والشعر. ومن المستحيل على من لا يتقن منهجيات وادوات اللغة ومهاراتها ان يدخل الجامعة.
ركز التدريس على المشاركة الايجابية من الجميع. وكما اسلفت في المدونة السابقة فان الهدف الاول هو تدريب الطلبة على التفكير والتحليل. اذ ان على كل طالب ان يفكر في كل فكرة يطرحها المعلم او احد الطلبة في الصف وان يكون له رأيه المستقل في هذه الفكرة رفضا اوقبولا. ويقوم المعلم بسؤال الطالب عن تعليله لرأيه، ومن ثم يسأل الطلبة عن رأيهم بتعليله، وتستمر التحاليل والاراء باحترام وجدية، ويتم التصويت على كل فكرة قبولا او رفضا، تدريبا على الديمقراطية، واحتراما للاختلاف في الآراء دون استهزاء او شماته، وبسلطة واضحة للمعلم على استبعاد اي هازل.
ولتعظيم الاستفادة من وقت الصف واجتماع هذا العدد من الادمغة، يقوم المعلم بتحديد الصفحات المطلوب قراءتها في البيت وكذلك حل عدد منتقى من الاسئلة للحصة القادمة. يقوم المعلم بحل المسائل بسرعة مع الطلبة في بداية الحصة التالية ، ويشرح فقط ما صعب فهمه. ويبقى جل وقت الصف للنقاش والتحليل والامتحانات العملية الدائمة في الصف من كتابة سليمة او تحليل منطقي لقصة او قصيدة
واخيرا فان من اهم ميزات التعليم المدرسي هو التركيز على الجانب العملي من التعليم، وهذا ما نفتقده في عالمنا التعليمي، فترى الخريج يحفظ عن ظهر قلب كميات كبيرة من العلوم والاداب، ولا يتقن في الغالب كتابة مقال سليم او التعبير عن نفسه في خطبة امام جمع . وما ان ينتهي الثلث الاول من مدة الفصل الدراسي المخصصة لكتابة المقال على سبيل المثال، حتى تكون منهجية ومهارة كتابة المقال قد حفرت في راس الطالب، لكثرة ما كتب من مقالات بانواعها. ولجودة وتفصيل الملاحظات التي يكتبها المعلم على مقال الطالب اضافة الى النقاش الذي يتم في الصف على مقاله وعلى مقال غيره
وفي الختام فإن اتقان كتابة المقال على سبيل المثال، هو مهارة افقية، يحتاجها كل انسان في حياته. مهما كان تخصصه او مجال عمله. كيف يعبر الانسان عن ما يجول بفكره من نتائج بحث جامعي او نتيجة تحقيق في حادث او انطباع عن زيارة. وكم يتناغم الفهم ويسهل ايصال الفكرة بين كاتب مقال او قصة يعمل وفق منهجية، وبين قارئ يتقنها. وكما سافصل ان شاء الله في المدونة اللاحقة بعنوان المقال
نسأل الله التوفيق والرشاد
خالد الكيلاني